مهند … والميمات الأربع

Inspirational+Story

خرج أعمى ليشرب من النهر وبيده مصباح ينير به طريقه !
فسأله أحدهم : لماذا تحمله وهو لا ينفعك ؟
فقال : لكي لا يصطدم بي المبصرون
 

شرفت في إحدى حلقات برنامج بهو عالي باستضافة المخترع المتألق مهند أبو دية ، ولا أخفيكم أنني ولأول مرة أحب الزحام وطول المسافة من بيته إلى الاستوديو لقاء ما استمتعت به أثناء نقاشنا وما اكتشفته من أفكار وتطلعات ينظر إليها مهند ببصيرة لا يكاد يتفطن إليها كثير من المبصرين .

ولمن لا يعرف مهند أبودية ، فهو باختصار ابن الإعلامي السعودي جبريل أبودية ، رزقه الله نباهة وفطنة وحبا للإبتكار فكانت إختراعاته التسع دليلا على موهبة وقدرة وفكر متوقد ، إلا أنه توقف عن الإختراع بعد حادث مروري أصابه بترت على إثره  قدمه اليمنى وفقد بصره ، لكنه مع ذلك تابع مسيره وتخرج من جامعة الملك فهد للبترول والمعادن كأول كفيف عربي يتخرج كمهندس صناعي ، استمر مهند في مجال الإختراع إلا أنه غير من استراتيجيته فبدلا من أن يخترع أصبح يدعم المخترعين بالتدريب والنصيحة والتطوير . فكانت من نتائجه فكرة مشروعه الطموح “الميمات الأربع” إختصارا لـ ( مليون مخترع مسلم محترف ) إضافة إلى مشاريعه المساندة (مخترعو الخليج )  وكتابه (دليلك إلى ريادة الإختراع ) الذي يأخذ المخترع من مرحلة الإختراع إلى أن يراه منتشرا في المجتمع .

خلال حديثي مع مهند اكتشفت أنه شاب لا يؤمن بالقشور التي لا تغني ولا تسمن ، فما يراه بعض شبابنا المخترعين والمتميزين من أهداف لا تتجاوز الحصول على مركز متقدم في مسابقة ما أو ميدالية في مشاركة خارجية هي أهداف لا تعدو كونها قشورا ستنتهي أهميتها إن لم يكن للإبتكار فائدة للمجتمع وأثر في تنميته .

الإهتمام بالجوائز والأوسمة دون أن يكون لأعمالنا أثر على مجتمعنا أصبحت ثقافة سائدة لدى الكثيرين ممن يبحث عن الشهرة السريعة والتميز على المنصات فقط ، أما ماذا بعد ذلك وكيف يمكن أن يكون للعمل إسهام في نهوض ورقي المجتمع ، فلا تجد لدى أصحابه -غالبا- إجابة ، وهذه الثقافة ليست مقتصرة على الإختراعات بل وصلت إلى انتاجنا العلمي والأدبي الذي يصدر من بعض  المبدعين . والمصيبة حين تتعدى هذه الثقافة المستوى الفردي ، ليصل مداها إلى فكر المسؤولين في المؤسسات المعنية بالمبدعين والموهوبين لا سيما المؤسسات التعليمية التي لم نجد لمبتكريها ذلك التأثير الا اخبارا من هنا وهناك بحصولهم على الجائزة الدولية في مؤتمر كذا،والميدالية الذهبية في مسابقة كذا .. ليبقى السؤال الأهم ، وماذا بعد ؟

نعانيع ذات صلة :

Leave a Reply

%d bloggers like this: