آخر فصول مسرحية الثامنة
” أنك تستطيع أن تخدع كل الناس بعض الوقت, وتستطيع أن تخدع بعض الناس كل الوقت, لكنك لن تستطيع خداع كل الناس كل الوقت”
انتهت حلقة الشريان المثيرة للجدل بتهديد ووعيد لمن أسماهم المذيع المحرضين على الجهاد في سوريا ، وانطلق المغردون ما بين مؤيد ومعارض لما تضمنته الحلقة ، وظهر الذين تم اتهامهم على قنوات أخرى ليدافعوا عن أنفسهم ، بينما فضل العودة أن يرد بتغريدة واحدة مفادها “الإثبات أو المحاكمة” ، ويبدو أن هذا الهجوم جعل الشريان يتخبط باحثا عن مخرج لما ورط نفسه فيه ، وبدلا من أن يعود إلى المهنية الإعلامية ليصلح ما أفسده تهوره ، استعان بثلاثة زادوا الطين بلة وأصبح داوود كمن استعان بمن يحتاج إلى إعانة .
استضاف الشريان ثلاثة ممن يتزعمون ما يسميهم البعض “الجامية” إشارة إلى غلاة الطاعة ممن غالو في مسألة الطاعة لولاة الأمر ، يرى كثير من الناس أن هؤلاء لا يؤخذ برأيهم ولا يستمع لهم لأنه قلما يسلم من ألسنتهم العلماء والدعاة ، بينما تجد لديهم آلاف التبريرات لمن ينتقص جناب الحبيب صلى الله عليه وسلم أو جناب الدين ، حضروا في الثامنة وابتدأت المسرحية التي استمرت لقرابة ٧٠ دقيقة ، حلقة أزعم ان النظام السوري وحليفه الإيراني كانا أسعد الناس بها ، ادعى فيها المستضافون أن الجهاد في سوريا “فتنة” بالكلية، ولولا الحياء لربما منعوا حتى الجهاد بالأموال .
لم تأت هذه الحلقة بجديد ، اتهامات جديدة جاء بها الضيوف دون دليل لتضاف إلى سلسلة اللامهنية التي بدأها الشريان وتابعه عليها ضيوفه ، فأحدهم يذكر ان بعض العلماء ينكرون جهاد الطلب ، ويبدو انه نسي ان عدم وجود جهاد الطلب بسبب الحدود والمعاهدات التي تربط الدول لا يعني إنكار شرعيته فهل يريد الريس أن نبدأ بمهاجمة دول الجوار فننكث العهود ؟ وحاول العتيق أن يلبس على المشاهد ، فادعى أن اصرار العلماء الأفاضل على موافقة الوالدين لمن يريد الجهاد سببه أنهم يريدون حماية أبنائهم من الخروج بدون إذنهم ! في تدخل سافر بالنيات لا دليل عليه . أما المحياني فلم يكن لوجوده معنى فكان كلامه مما قل ولم يدل ، ليأتي بالطامة في نهايتها باتهام النيات وأن مقصد “المحرضين” ليس هو ما صرحوا به ، وكأنهم يتحدثون بلغة اخرى لا يفهمها المشاهد . ولست ألوم الضيوف فقد وضعهم المذيع في موقف محرج للغاية وكانت المقاطع التي بثت خلال الحلقة داعمة لمواقف المتهَمين مما اضطر الضيوف إلى الدخول في النوايا واستخراج المعنى من بطن المتحدث .
التناقضات استمرت في الحلقة ، فالاتهام بالتحريض في حرب الأفغان لا يسلم الأخذ به في ظل دعم وموافقة ولي الأمر الذي اشترطه ضيوف الحلقة للجهاد، وكان مقطع الشيخ سلمان العودة الذي ظهر أخيرا في الحلقة قاصمة الظهر حين أظهر لمن يعي ويسمع بعقله لا بهواه تحذيره من أن يذهب غير المدرب ومن ليس له بلاغ في تلك الديار . مما أسقط في يدي الشريان وضيوفه . لتبدأ آخر فصول المسرحية الهزلية بتخبط واتهام وتزلف للدولة تبعها استهزاء وتحد ملفت من الريس الذي طالب بمناظرة ثلاثة كل واحد منهم له من العلم والفقه ما يلجم به أقوال الضيوف الثلاثة ويدحض حججهم ، فهل يفعلها الشريان ويستضيفهم ؟ شخصيا ، لا اظن ذلك حاصلا.
انتهت المسرحية ولم تتبين الأدلة الدامغة أو البراهين على صدق ادعاءات الشريان او مزاعم ضيوفه، في مشهد نحر المهنية الإعلامية من الوريد إلى الوريد ، ظهر فيه الشريان بعقلية إعلام الاتجاه الواحد ولسان حاله:” ما أريكم إلا ما أرى ” دون احترام لثقافة المشاهد ، ونسي عراب الثامنة أو تناسى أننا في زمن الإعلام المفتوح حيث لا مكان للرأي الأحادي ، فسقط وسقطت هيبة الثامنة.