ليلة سقوط الثامنة
” ما من أحد يطلق اتهاما دون أن يكذب قليلا “
أرعد وأزبد ، بكى واغتصب عينيه أن تخرجا بضع قطرات ، كل ذبك تم في ساعة امتلأت بالتناقضات وانتهت بالاتهامات ، ولربما ظن الشريان حينها أنه لن يجرؤ أحد على سؤاله : وأين دليلك ؟ وكأنه ما يزال يعيش بعقلية التسعينيات ونسي أننا في عصر يتيح للمشاهد ان يفند أقواله ويتعرف على كذبها بضغطة زر .
انتهت الحلقة ، وبدأ الهجوم على اللامهنية التي انتهجها المذيع في الموضوع .. هجوم جعل المذيع يتخبط ، وبدلا من أن يخرج للاعتذار أو لإظهار الأدلة على صدق اتهاماته ، خرج علينا بحلقة لا تقل سوءا عن الأولى ، استنجد فيها بمجموعة استهجن جل الشعب أسلوبهم من قديم فلم يعودوا يثقون بهم، ولأظهر فيها مقتطفات من كلام من سماهم في حلقته الأولى بـ”المحرضين” كانت حجة على الضيف لا أكثر . ولعل تلك المقاطع أوقعت الضيوف في حرج فاتجهوا بحديثهم إلى محاكمة النيات والكشف عما وراء تصريحاتهم والمقصود منها ، رغم ان القوم يتحدثون بلغة نفهمها ولكن الضيوف كان لهم رأي آخر ، وربما لو استمرت الحلقة لمدة أطول لظهرت لنا إسقاطات أقرب ما تكون إلى اتهامات المصريين لإعلانات “أبله فاهيتا” بالتآمر والتحريض .
حلقة داوود الأولى والتي فتحت النار على مذيعها دون أن تصل طلقاتها لمن سماهم واستشاط غضبا عليهم حملت الكثير من التناقضات ابتدأت بالتقارير، فهذه أم فهد تدعو لابنها بأن “يطلع” ليفطر معها في رمضان ولم تذكر سوريا أو الجهاد السوري من قريب أو بعيد ، وأصبح معلوما لدى الكثير أن هذه الكلمة دائما ما تأتي في سياق الحديث عن الموقوفين لدى الجهات الامنية . أم التائب والعائد من الجهاد فقد كان في مشاكل مع والده وتزوج في سن صغيرة “18” سنة -أي أنه للتو انتقل من مرحلة الطفولة كما يعبر عن ذلك المذيع – وكان والده هو من دعمه وأرسله للجهاد ولم يأت في كلتا المقابلتين ذكر لأي من محرضي الجهاد !
وعودة لضيوف الحلقة الأولى الذين أكملوا سلسلة التناقضات “الشريانية” نجد والد شاب ذهب ابنه إلى سوريا منذ سبع سنوات ، أي قبل أن تكون هناك ثورة سلمية أصلا ، فسبحان من أطلع المحرضين على الغيب ليعلموا أن هناك حدثا سيكون هناك . الضيف أكد أكثر من مرة بان ابنه كان في لبنان رغم محاولات الشريان إنطاقه بأنه في العراق في محاولة يائسة إلى استنطاق الضيف وجره إلى ما يريده. أما أم محمد ، والتي ساهم الشريان مشكورا في إصلاح وضعها المادي لها ولأبنائها ، ولعل هذا ما يحسب له فقط ، فقد قالتها وبالحرف الواحد أن والد ابنها “الطفل” ذو 16 ربيعا كان هو الداعم لابنها وهو من أرسله على حد قولها ، وما فتئ المذيع يحاول مرة تلو الأخرى أن يستنطق الضيوف بذكر أسماء بعينها ، فلما لم يحصل على مراده انطلق يرعد ويطلق اتهاماته على علماء وثق الناس بعلمهم واستمعوا لهم ، دون أن يكون لديه دليل واحد واضح وصريح على تحريضهم للشباب عامة بالذهاب إلى سوريا، في مشهد مستهجن حضرت فيه الاتهامات وغاب المتهم ولم يكلف داوود نفسه أن يطلب أحدا للدفاع عن نفسه ، للمهنيه الإعلامية على أقل تقدير .
كانت ليلة سقوط برنامج الثامنة ، والحق يقال أن برنامج الثامنة أحدث زخما في حلقات عدة كان المواطن وما يهم المواطن من خدمات في قلب اهتماماته ، وأذكر ذلك من واقع ما شاهدته من تحرك يحدث في وزارة الشؤون الإجتماعية بعد كل حلقة يستعرض فيها الشريان واقعا مؤلما وخطأ تقع فيه ، إلا أنه زل زلة يصعب القيام معها حين تدخل فيما لا يفقه فيه ولا يجيد اللعب في ميدانه .. ولنا مع ضيوفه الثلاثة وقفة تتبع بإذن الله .
دمتم بود …